مقالات | السفير إبراهيم يسري يكتب .. طاشت أساليب الصراع ولكن المسيرة تعبر العوائق

انشر هذا الموضوع :

لم يطرأ جديد علي المشهد السياسي في الفترة الأخيرة ، فما زال المعارضون خارج سياق آليات الصراع السياسي المتعارف عليها و يرفضون اي حوار مع السلطة ، تقتصر أنشطتهم وجهودهم علي هدم السلطة او فرض إرادتهم عليها دون سند سياسي معروف ، فلا يستطيع اي فصيل وحده ولا كل الفصائل مجتمعة ان تزعم أنها تمثل جماع الإرادة الشعبية ، بل يرفضون آلية الانتخابات التي تكشف دون غيرها عن المتحدث باسم الأغلبية .
وبعد ان فشلت محاولتهم اقتحام مقر رئاسة الدولة و محاصرتها ، استمرت دعوتهم للحشد في الميادين و الجمع المتتالية بأسمائها المستفزة دون تحقيق اي مكاسب لهم ولكنها انعكست بآثار سلبية علي المجتمع بأسره فغاب الأمن وحكم البلطجية و اللصوص وضاعت هيبة القانون عندما يهاجمون المحاكم و أقسام الشرطة و المحافظين و سمعنا لأول مرة في تاريخ مصر بل و ربما العالم بأسره عن تمرد بعض أقسام الشرطة و إغلاقها .
ولم تكتف هذه العناصر المخربة بالخسائر الكبري التي خلفتها الحرائق و السرقات و القتيل وخطف البشر رجالا ونساءا ولكنها غيرت تكتيكاتها في الفترة الأخيرة بمهاجمة مقار حزب الحرية و العدالة وجماعة الاخوان المسلمين دون إدانة جادة و قوية من أساطين المعارضة و انتهي الأمر الي خطوة أخيرة و خطيرة وهي مهاجمة المقر الرئيسي لفصيل سياسي واستخدام اقذع الألفاظ واحط الوسائل بل وكتبوا علي جدرانها ما يصفون به أعضاء الجماعة بالخرفان و جرافيتي يخلو من اي إبداع و يتدني للتحقير و الإساءة
ولا احب ان افترض ان هذه الأنشطة الإجرامية و المتدنية تمت بتحريض او تنظيم مباشر من زعماء المعارضة و ان المليارات التي تصرف عليها تدفع بواسطتهم ولكني أخذ عليهم- وكلهم محل الاحترام و التقدير -أنهم لم يبذلوا الجهود الكافية لترشيد المظاهرات ومنع إساءة استخدام حق التظاهر ولم يصرحوا بقوة وعلانية باستنكار هم لهذا التدني في العمل السياسي .وو الغرب من ذلك ان أهدافهم من مهاجمة المقر غير واضحة ولا سائغة .
وبلغ الأمر عند. بعض القوي المعارضة ان توقع بين السلطة و الجيش بل وتدعوا صراحة لانقلاب عسكري علي الشرعية ولكن تقاليد قواتنا المسلحة فوتت عليهم هذا الغرض
وهنا نأتي للإعلام بازدواجية معاييره وقلبه الحقائق الذي شهدناه جميعا بعد خسارة الانتخابات البرلمانية و الرئاسية ، فقد أغمض عينيه تماماً عن بشاعة ما صدر من المحاصرين للمقر الرئيسي لفصيل سياسي كبير شريك في العملية السياسية وتقبيح ما كتبوه علي جدرانه وراح إعلامهم يبكي و يندب عمن تعرض منهم للمنع و الزجر كرد فعل لتجاوزاتهم وركزوا علي حادثة او حادثتين مما يقع مئات من أمثالها في اي احتكاك جماهيري. وعلي رأسها وفاة شاب مأسوف عليه اثبت الطب الشرعي بالمستندات ان وفاته نتيجة دهشه بسيارة فإذا هم يتهمون الآخرين بقتله و تعذيبه ، ولا ندري الي اي مدي يسير الإعلام بعد ان فاز فريقه بنقابة الصحفيين وأملنا ان يضبط الأمور و يمنع الانحراف و ازدواجية المعايير .و تضخم المرتبات المليونية التي تعتبر إهانة لمجتمعنا ول٤٠٪ منه من الفقراء وان يجري التمييز بدقة بين الإعلام و الاعلان تطهيرا للوسط الصحفي .
وعلي الجانب الآخر تذهلك انعدام ردود الفعل الطبيعية للحكومة برفض وإدانة هذه التجاوزات وإخضاعها لحكم القانون ، ويذهلك أكثر ان السلطة لم تكن راغبة في الطعن في الحكم الصادم حول وقف الانتخابات رغم ما أصابه من عوار وفساد في الاستدلال وخروج عن السوابق. و قد تتعجب أكثر من تباطؤ مجلس الشوري في ممارسة سلطته في التشريع لمنع مثل هذه التجاوزات، فما زالت نصوص قانون الحد الاقصي للأجور رخوة عصية علي المراقبة و التنفيذ ، و ما زال قانون حماية الشهود يترنح بين الأروقة و اللجان بينما تزداد شراسة قوي الفساد في معاقبة الشرفاء ممن يبلغون عن جرائمهم ولم نسمع بعد عن قانون الضرائب التصاعدية وغير ذلك من قوانين العدالة الاجتماعية ولم نلحظ اي اهتمام بحريق الرقابة الإدارية وما إذا كان صورة أخري من فرم مستندات امن الدولة .
وكرد فعل للحكم الصادم بوقف الانتخابات اقترحنا علي البعضتعديل المادة ١١ من قانون مجلس الدولة و المادة ١٧ من قانون السلطة القضائية بإضافة فقرة لكل منهما تنص علي التزام المحاكم بالأحكام النهائية الباتة من المحكمة الدستورية العليا و الإدارية العليا و محكمة النقض و التي تحدد ما يعتبر من اعمال السيادة وتقصر سلطة الإحالة للدستورية العليا في ما يخص دستورية القوانين علي المحكمة الإدارية العيا ومحكمة النقض.
غير انه رغم ذلك كله تشق مسيرة الشرعية و المشروعية طريقها نحو استكمال مؤسساتنا الدستورية و ترسيخ قواعد وآليات الصراع السياسي و أخيرا بدا الرئيس. يتواصل مباشرة مع شعبه و يخرج عن قولبة بيروقراطية الرئاسة القوية و العريقة ، حتي تعبر مصر الي مصاف الديموقراطيات الراسخة و تبدأ في التنمية و الازدهار ولكن السلطة يجب ان تكون واعية وجاهزة لأي محاولات تنال من شرعيتها و عليها ان تسارع الخطي في تخطي الحفر و الفخوخ التي تعد لاسقاطها
وقد يساعد علي ذلك التخفيف من أعباء وزارة الداخلية بعد التجار علي التمرد و إغلاق الأقسام بإنشاء وزارة او هيئة مستقلة للأمن الوطني و الأمن المركزي تتبعها قوات الامن المركزي بعد تطويرها و يكون لها نظامها الخاص و عقيدتها الأمنية المستقلة لتقوم بمهامها في التصدي لأعمال الشغب و البلطجة و تعطيل الانتاج وقطع الطرق بوسائل حديثة نقتبسها من الدول الراسخة في الديموقراطية.
القاهرة ١٩ مارس٢٠١٣ السفير ابراهيم يسري
انشر هذا الموضوع :

انضم لمدونة نهضة مصر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
نهضة مصر