وهذه القصيدة ألقاها الشاعر في سرادق عزائها بالقاهرة مساء الجمعة (5/8/2005م) أمام جمع حاشد من الإخوان والمعزِّين من الشعب المصري والمسلمين والعرب.
إقرأ القصيده :
1- بكيْتُ، وقلبي في الأسى يتقلبُ فجاء رفيقي مُفزعًا، وهو يَعتبُ
2- وقال: أتبكي والقضاءُ محتم وليس لنا من قبضةِ الموتِ مَهرب؟!
3- فقلتُ: تعالى اللهُ، فالحزنُ ساعرٌ قويٌّ، عتيٌّ، والفقيدةُ زينبُ
4- ولو كان فضلُ الراحلين مراثيًا لجادَ بمرْثاها الحطيمُ، ويثربُ
5- فلا كلُّ مفقودٍ يُراع لفقْدهِ ولا كلُّ حيٍّ فائقٌ، ومحبَّبُ
6- ولا كلُّ من يحيا الحياةَ بحاضرٍ ولا كل من في القبرِ ماضٍ مغيَّبُ
7- فإن خلودَ المرْءِ بالعمل الذي يقودُ مسارَ الخير لا يتهيَّب
8 – أناديك- أمَّ الصابرين- بمهجتي وكلِّي دعاءٌ ِمْن سناكِ مُطيَّبُ
9 - سلامٌ وريحانٌ وروْحٌ ورحمةٌ عليكِ، وممدودٌ من الظل طيبُ
10- فقد عشْتِ بالحق القويم منارةً تشدُّ إليها كلَّ قلبٍ وتجذبُ
11– وكنتِ- بحقٍّ- منبعَ الحبِّ والتُّقى ومدرسةً فيها العطاءُ المذهَّبُ
12- ودارُكِ كانتْ مثل دار "ابن أرقم" تخرجَ فيها من بناتِكِ أشْهُبُ
13– فَرُحْنَ- أيا أماهُ- في كلِّ موطنٍ يربِّين أجيالاً على الحقِّ أُدِّبوا
14- شبابًا حيِيًّا في شجاعة خالدٍ له الحقُّ نهجٌ، والشريعةُ مذْهبُ
15- يفرُّون عند المغريات تعففًا وحين ينادي الرْوعُ هَبُّوا وأجْلبوا
16- ومن كان للحقِّ القويم نهوضُهُ فليس لغير الله يرضى ويغْضبُ
17- ولا ضيرَ ألا تُنجبي، تلك حكمةٌ طواها عن الأفهام سرٌّ مُحَّجبُ
18- فقد عشْتِ أمًا للجميع، وأمَّةً يباهي بكِ التاريخَ شرقٌ ومغربُ
19- وكنتِ لسان الحقِّ في أمةٍ غَفَتْ كأنهمو عن عالم الناس غُيَّبُ
20- وقلتِ: كتابُ الله فيه شفاؤكمْ وبالسنة السمحاء نعلو ونغْلبُ
21- وقلتِ: هو الإسلامُ دينٌ ودولةٌ وقوميةٌ نعلو بها حين نُنْسبُ
22- وإن النساء المسلماتِ شقائقٌ لجنسِ الرجالِ المسلمين وأقْربُ
23- لهن حقوقٌ قررتها شريعةٌ من الله حقٌ ناصعٌ ومُطيَّبُ
24- وقد كنَّ قبل الدين كمًّا مهمَّشًا كسقْط متاع يُستباحُ ويُسلبُ
25- بذلك- يا أماه- كنتِ منارةً فأهْوَى صريعًا جاهلٌ متعصبُ
26- وأحييْتِ بالعزم الأبِّي ضمائرا تعاورها بومٌ ضريرٌ وأذْوُبُ
27- فأغضبتِِ فرعونَ اللعينَ وقد بغَى لتستسلمي للظلِم أيّانَ يرغبُ
28- فقلتِ: لغير الله لم أُحنِ جبهتي وللحقِّ صولاتٌ أعزُّ وأغلَبُ
29- ولاقيتِ- يا أماه- أبشعَ محنةٍ يخرُّ لهوْليهْا شبابٌ وشُيَّبُ
30- صَبرتِ وضجَّ الصبُر من صبرِك الذي أذل كبارًا في الفجور تقلبوا
31- وجددتِ ذكرى أمِّ عمارِ التي تحدَّتْ أبا جهلٍ ومن كان يصحبُ
32- فكانت- بفضل الله- خيرَ شهيدةٍ وليس كتحصيل الشهادة مكسبُ
33- وقلتِ- يا أماه-: حسْبِيَ أننيِ على درب طه أستقيمُ وأَضْرِبُ
34- فكان ظلامُ السجنِ نورًا مؤلَّقًا من الملأ الأعلى يطوف ويُسكبُ
35- أنيسُك فيه النورُ والفجرُ والضحى كما يُؤنس الإنسانَ في التيه كوكبُ
36- وكانت سياطُ الظالمين شهادةً بأنَّ دعاةَ الحق أقوى وأصلبُ
37- فكانوا- بفضلِ الله- أُسْدًا رهيبةً وهل يغلب الأسْدَ الرهيبةَ أرنبُ؟!
38- وخرَّ من الإعياء جلادُك الذي تعهد أن يُرْديَك وهو يُعذِّبُ
39- فقلت: تعالى الله، يهوى معذِّبٌ ويبقى رفيعَ الرأس حرًّا معذَّبُ!!
40- سجينةَ حقٍّ لم ينلْ من إبائها عتاةٌ على قتل العباد تدربوا
41- وغايتُهم في العيش مُتعةُ ماجنٍ وعدتُهم في الحكم نابٌ ومخلبُ
42- وكلهمو في الشر والعارِ ضالعٌ وللحقَّ نهَّاب عُتلٌ مخرِّبُ
43- كأن عذاب الأبرياء لديْهمو ألذُّ من الشهد المذاب وأعذبُ
44- أيُلقى بقاع السجن مَن عاش مؤمنًا ويطلق لصٌّ آثمُ القلب مذنبُ؟!
45- يُجنُّ أميرُ السجن: أنثى ضعيفةٌ تُذِل رجالي بالثبات وترعبُ؟!
46- أعيدوا عليها موجةً من سياطكم وركْلاً وصعقًا علَّها تتذبذبُ
47- ولم تجْدِ فيها: لا الكلابُ ينُشْنَها ولا القيدُ والسجان بالسوط يُلهبُ
48- فيصْرخ: أنثى لا تبالي ببأسنا فلا السوط جبارٌ ولا الكلبُ مرعبُ
49- فهان عليها سْوطنا وكلابنا أذلك سحرٌ؟! بل من السحر أغربُ
50- إذن لن أُرقَّى، سوف يغضب سيدي ويا ويلتاهُ إذ يثورُ ويغضبُ
51- "ويلعنُ خاشي" إذ أفاق على يدي وقد كان في أُنْسٍ يهيصُ ويشربُ
52- ولم يدرِ أن الله أقدرُ منهمو وأن سياطَ الله أقوى وأغلبُ
53- وأن فصيل المؤمنين يفوقهم ثباتًا وعدًّا، لا يخاف ويرهبُ
54- فإن غالطوا قلنا: الجنائزُ بيننا سَلُوها؛ فحكم الموت ما كان يكذبُ
55- مئاتُ ألوف في الجنازة حُضَّرٌ ولم تْدّعهم أمٌ ولم يدعهم أبُ
56- ولكنه الإسلامُ ألف بينهم وجَمعهم حبٌّ مكين مقرِّبُ
57- فإن كنتِ قد غادرتِ دنيا بزيفها إلى عالمِ الخلْد الذي هو أرحَبُ
58- ستلقيْن أمَّ المؤمنين خديجةً وفاطمةَ الزهراءَ فرحى ترحِّبُ
59- وحفصةَ والخنساءَ والصفوةَ التي ظللن شموسًا للهدى ليس تغربُ
60- عليك سلام الله في الخلْد زينبُ وإن نعيم الله أبقى وأطيبُ
61- مضيتِ بذكرٍ ليس يُكتب أحرفًا ولكنه بالنورِ والعطرِ يُكتبُ





الأربعاء, يناير 02, 2013
Mustafa
