قالت مصادر رفيعة المستوى أن حركة "حماس" أطلعت أجهزة أمنية مصرية سيادية على جزء كبير من الوثائق المخابراتية التي حصلت عليها بعد دخولها مقار الأمن الوقائي والمخابرات الفلسطينية، إثر إزاحتها حركة "فتح" المنافسة لها من القطاع بالقوة.
وقالت المصادر إن تلك الوثائق تضمنت معلومات كشفت عن تورط مجموعة محمد دحلان ورشيد أبو شباك في التعاون مع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية بشكل منتظم, وعن محاولتهما إغراق مصر بالمخدرات المهربة من إسرائيل عبر قطاع غزة، بالإضافة إلى ترويج مئات الآلاف من الدولارات المزيفة في المناطق
السياحية بسيناء لضرب السياحة هناك.
وأشارت أيضًا إلى "دور" دحلان ومجموعته في تحريض بدو سيناء على التهديد باللجوء السياسي لإسرائيل, فضلاً عن محاولة الوقيعة بين مصر و"حماس" بزعم أن هذه العناصر مواليه لتلك الحركة.
وقالت المصادر نفسها إن الوثائق كشفت أيضًا، أن دحلان كلف عددًا كبيرًا من عناصر حركة "فتح" العاملة بالدول العربية ومن بينها مصر لجمع معلومات استخباراتية عن تلك الدول، وكان يقدمها للموساد, والمخابرات الأمريكية.
وكشفت عن قيام دحلان بإعطاء أوامر لرجالة بالتنصت على البعثة الدبلوماسية المصرية بغزة, وعلى اتصالاتها مع القاهرة, وكذا التنصت على الوفد الأمني المصري, بالإضافة إلى تورطه في خطف أحد أعضاء الوفد في غزة، وهو العقيد حسام الموصلي في العام الماضي، قبل أن يتم الإفراج عنه بضغوط مصرية.
وأشارت الوثائق إلى تورط دحلان وأبو شباك في الإيقاع بعدد من رموز حركة "حماس" حيث كان يزرع أجهزة تنصت متقدمة تمكن الطائرات الإسرائيلية من تحديد أماكن تواجدهم لاغتيالهم, كما حدث مع الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وغيرهما، وعن تورطه مع "الموساد" بدس سم بطيء للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بغرض التخلص منه.
وأوضحت الوثائق أن من بين المهام التي كُلفت بها أجهزة الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة هي التجسس على القوات المصرية بسيناء من حيث العدد والعتاد, وكذا رصد أي عناصر أمنية مصرية قد تكون متواجدة في الأراضي الفلسطينية مستترة.
وأظهرت تورطها في تدبير محاولة لاغتيال إسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال عند عودته من معبر رفح من الأراضي المصرية في ديسمبر الماضي لإحراج أجهزة الأمن المصرية وللوقيعة بين "حماس" ومصر.
وكان الدكتور خليل الحية عضو القيادة السياسية لحركة "حماس" ونائب رئيس كتلتها بالمجلس التشريعي قد كشف أمس الأول عن العديد من الملفات والوثائق التي تثبت تورط الأجهزة الأمنية وخاصة جهازي الوقائي والمخابرات بـ "العمالة والفساد والارتباط مع الاحتلال على كافة المستويات"
وأكد أن الحركة لم تكن تود أن تنشر الفضائح والأسرار التي وجدتها في المواقع الأمنية التي سيطرت عليها في غزة إلا بعد أن قطع الرئيس الفلسطيني محمود عباس كافة سبل الحوار مع "حماس" واتهمها بأفظع الأمور زورًا.
وقال الحية إن "حماس توصلت من خلال ما وجدته في المقرات الأمنية إلى آلاف المستندات السرية المحفوظة تثبت مدى تواطؤ تلك الأجهزة مع الاحتلال والولايات المتحدة على كافة المستويات"، قائلاً: "إن الأمريكان صدقوا حينما قالوا إن حماس حصلت على كنز".
وكشف عن بعض الوثائق والمستندات السرية التي حصلت عليها من المقار الأمنية، من بينها واحدة تكشف أنه يوم إفراج الحكومة الإسرائيلية عن 100 مليون دولار من مستحقات السلطة اشترط الاحتلال أن يتم إرسال 2500 قطعة سلاح و2.5 مليون رصاصة إلى الضفة الغربية، قائلاً: "إن المستند هذا كتب بخط محمد دحلان".
وأفاد أن حركة حماس مرّت قبيل اتفاق مكة ومنذ فوزها في الانتخابات بويلات جسام حيث مورس التحريض ضدها وتحريض المؤسسات والبنوك بعدم التعامل معها ودعوة الموظفين إلى العصيان الإداري، علاوة عن المسيرات المسلحة التي قام بها منتسبي الأجهزة الأمنية للضغط على الحكومة التي ترأسها حماس.
وقال: "إن بعد كل ما سبق وجدت أمريكا والاحتلال وعملاؤهما أن حركة حماس قوية فأرادوا تصفيتها بالقوة حيث تم وضع وثيقة لذلك صادق عليها الرئيس عباس"، مبينًا أنه بدأت حرب تشن على "حماس" باستهداف عناصرها وتهريب المجرمين أو تقريبهم من الرئيس وحمايتهم.
وأشار إلى "الجرائم" التي مورست بادئ الأمر في محافظة شمال غزة على أيدي سميح المدهون وباقي محافظات القطاع، مؤكدًا أنه سبق لحركة "حماس" أن بينت لقيادات من فتح أن عناصر منها يحاولون خلط الأوراق وقلب الطاولة دون استجابة.
وتطرّق الحية إلى بعض ما تعرضت له الحركة قبيل اتفاق مكة من عناصر الأجهزة الأمنية والتابعين لحركة فتح، مشيرًا إلى محاولة اغتيال رئيس الوزراء إسماعيل هنية وإصابة مستشاره وابنه واستشهاد مرافقه ومجزرة مسجد الهداية التي تواطأ بها عناصر جهاز الأمن الوقائي وغيرها.
وبيّن الحية، أن الأمور حتى يوم اتفاق مكة كانت تسير من سيء إلى أسوء ولكن حركة حماس كانت مصرة لإنهاء الوضع السيئ بغزة والاقتتال رغم المحاولات المستمرة للانقلاب على الحكومة وشرعيتها.