فورين بوليسى: اللصوص والمحتالون الكبار يعودون لمصر تحت اشراف الحكومة

انشر هذا الموضوع :
نشرت مجلة الفورين بولسي تقريرا بعنوان "اللصوص والمحتالون الكبار يعودون لمصر تحت اشراف الحكومة" .. ننقله لكم نصا :
 
في الوقت الذي كانت فيه الحشود تملأ شوارع في جميع أنحاء مصر خلال انتفاضة 2011 التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك، كان السياسيون والجنرالات في القاهرة يتدافعون ليس فقط لحماية مصالحهم. فمع بدء ترنح النظام القديم، حزم كبار رجال الأعمال الذين لهم صلة بالنظام، حقائبهم، وبداخلها مليارات الجنيهات، وفروا من البلاد.
 
وكان من أهم الهاربين حسين سالم الذي يعرف ب”ملك شرم الشيخ” نظرا لملكيته لعدد من الفنادق في المدينة الساحلية، كما حقق سالم ثروة كبيرة من عقود السلاح والطاقة والخدمات. وكان مقربا من مبارك لدرجة أنهما قاما بالاستثمار معا حسب وثائق حصلت عليها “فورين بوليسي”، مشيرة إلى أن تحالف رجل الأعمال والرئيس كان “تحالفا مربحا”. منح مبارك لسالم عقد احتكار تصدير الغاز الطبيعي للأردن وإسرائيل وإسبانيا واستخدم سالم ذلك العقد لبيع الغاز بأقل من أسعار السوق حسب حكم صادر عن محكمة مصرية، مما أدى لخسارة مصر 700 مليون دولار أمريكي.
 
ولم يعد سالم لمصر منذ ثورة 25 يناير لسبب وجيه؛ فبعد محاولة مصر استعادة الأموال التي نهبها مبارك ومن حوله؛ أصدرت المحاكم سلسلة من القرارات ضد سالم واسرته. ففي أكتوبر 2011 أُدين سالم وابنه خالد وابنته ماجدة بالحصول على أموال غير مشروعة من عقود الغاز المصري حكم بها عليهم غيابيا بالسجن 7 اعوام. وفي يونيو 2012 أدين بتصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار أقل من سعر السوق، وحكم عليه غيابيا بالسجن 15 عاما ودفع غرامة قيمتها 412 مليون دولار أمريكي.
 
ولم ينفذ الحكم ضد سالم لأنه يحمل الجنسية الإسبانية، ويعيش الآن في مايوركا، ولكنه ملاحق وابنه وابنته من الشرطة الدولية “إنتربول”، ورفضت المحاكم الإسبانية ترحيله إلى مصر لأن الدولتين لم توقعا معاهدة تبادل المجرمين وبسبب عدم اليقين المحاكم الاسبانية من نزاهة العملية القانونية في مصر.
 
إن حظ الهاربين، أمثال سالم ورجال اعمال مبارك، يبتسم لهم وللمرة الأولى، فمنذ أن قام الجنرالات في الجيش المصري بالانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي يبدو أن الأمور تسير لصالحهم. وفقا لطارق عبد العزيز، محامي رجل الأعمال، فسالم في حالة من السعادة الغامرة ويريد العودة لمصر. وفي شهر يناير الماضي اتصل سالم ببرنامج تلفزيوني شهير على الهواء وعرض صفقة على الحكومة المدعومة من الجيش، ألا وهي الغاء الحكم عليه مقابل إعادة الملايين التي سرقها.
 
رحب المسؤولون في الحكومة بالعرض، وقال (هاني صلاح المتحدث باسم الحكومة) في مكالمة مع قناة “سي بي أس” عن العرض “سيد حسين سالم ورجال الأعمال النبلاء، إن مبادرتكم تستحق الثناء”. وأضاف أن أي شخص يعرض مثل هذا العرض النبيل “علينا الاستماع إليه لصالح وطننا الحبيب”. وأضاف انه منذ الإطاحة بمرسي فإن مصر أصبحت أكثر تقبلا لمبادرات الصلح وعبر عن أمله في قيام رجال الأعمال الهاربين من حقبة مبارك بطرح نفس المبادرة.
 
ويبدوا ان المصالحة، والتي تتم من خلال لجنة يعينها رئيس الوزراء أو بقرار من النائب العام المعُين من الرئيس، تعني اكثر من “إلغاء تهم الفساد مقابل دفع أموال”. ففي أثناء مداخلة اخري على الهواء في 9 يناير عرض سالم دفع 3.6 مليون دولار لتعزيز السياحة وإصلاح مراكز الشرطة والمساجد والكنائس مقابل حريته. ويبدو هذا في الواقع مبلغا أقل من ذلك كان مستعدا لدفعه قبل الانقلاب، ففي مايو 2012، أي قبل وصول مرسي للسلطة، عرض سالم نصف ثروته (1.6 مليار دولار) مقابل تسوية القضية.
 
بعد ثلاثة أعوام من الاحتجاجات ضد المحسوبية التي التهمت اقتصاد مصر، تفكر مصر بالعودة لنفس الأشخاص الذين سرقوها لإخراجها من أزمتها الاقتصادية. فبرغم المطالب الواسعة لتحقيق العدالة الاجتماعية لم تشهد مصر سوى تطورات قليلة، فمنظمة الشفافية العالمية تضع مصر في المرتبة 114 من بين 177 دولة في مؤشرها للفساد، كما ان المؤشر أصبح أسوأ منذ 2011.
 
إن العلاقات بين رجال الأعمال من عهد مبارك والحكومة المصرية ساءت بعد سلسلة من القرارات التي صدرت من النيابة العامة تستهدف رجال الأعمال السابقين. بيد أن “المصالحة” ستسمح للحكومة المدعومة من الجيش باستئناف علاقاتها مع نفس الشبكة المؤثرة من رجال الأعمال الموالين التي ازدهرت في عهد مبارك.
 
وطبقا لغادة علي موسى، الباحثة في العلوم السياسية فإن العملية “ستفتح الباب أمام مزيد من الفساد والهروب من العدالة”، مشيرة إلى أن عقد مصالحة مع سالم سيكون نموذجا لصفقات مع رجال أعمال آخرين.
 
وتضيف المجلة أن رجال أعمال آخرين من فترة مبارك يديرون محادثات مع الحكومة المؤقتة ومنهم رشيد محمد رشيد، وزير التجارة الخارجية السابق، الذي يمكن أن يقدم عرضا اخر للحكومة المدعومة من الجيش. وكان رشيد الذي صدر عليه حكما غيابيا بالسجن لمدة 20 عاما وغرامة 330 مليون دولار أمريكي قد هرب إلى دبي أثناء التظاهرات عام 2011.
 
ويعتقد أن فوز السيسي المتوقع في انتخابات الرئاسة قد يعزز من استعداد مصر لعقد مصالحات مع الهاربين. فبحسب إبراهيم الهندي، نائب وزير العدل ورئيس لجنة الكسب غير المشروع “سيحدث مناخ للمصالحة” وأضاف “كل ذلك متعلق بالمصالحة، أيهما أحسن لمصر، المصالحة أم لا؟” وعبر الهندي عن رغبة الحكومة في تحقيق صفقة مع سالم رغم كونه ضمن “الأسوأ” بين طبقة رجال الأعمال الفاسدة، وأمرته المحكمة بدفع غرامة مالية كبيرة.
 
ويقول محامي سالم إن الوقت سانح لتحقيق المصالحة، وإنه يعمل مع المسؤولين للتوصل لصفقة وتقديمها للسلطات، ويضيف “الآن وقد أطيح بمرسي” فموكله “متفائل جدا الآن، شكرا لله، فأصبح هناك نظام يعتني بكل المصريين”. ويقول عبد العزيز “اليوم لدينا نظام جديد، آمل ان يكون نظاما عادلا يؤدي إلى تقدم الأمور”.
 
ونفى عبد العزيز أن يكون موكله على علاقة تجارية مع مبارك، معتبرا الاتهامات ذات دوافع سياسية، ولكن وثيقة من لجنة الكسب غير المشروع، تشير إلى سالم وعددا اخر من رجال الأعمال قاموا بالاستثمار في صندوق نقدي مسجل في كيمان إيلاندز، في الكاريبي.
 
واستثمر الصندوق “المعروف بصندوق الاستثمار المصري” في 18 شركة مصرية، في مجالات الإسمنت والمصارف والعقارات والنفط والطعام والزراعة”. في الوقت الذي لم يذكر فيه اسم سالم ومبارك في قائمة المستثمرين، إلا أن أبناءهم؛ مثل خالد وماجدة استثمروا فيه 3 ملايين، فيما استثمر كل من علاء وجمال نجلي مبارك 250 الف دولار أمريكي.
 
وتشير المجلة إلى أن سالم لم يسرق فقط من الحكومة المصرية، بل وسرق من أمريكا إيضا، ففي عام 1979 حصلت شركته “شركة خدمات النقل الأمريكية- المصرية” على عقد لنقل البضائع العسكرية من أمريكا إلى مصر، وجاء العقد في ضوء اتفاق كامب ديفيد، ولكن سالم حاول المبالغة في أسعار النقل، وقدم لوزارة الدفاع الأمريكية مبالغ عالية في الفترة ما بين 1979 -1981
انشر هذا الموضوع :

انضم لمدونة نهضة مصر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
نهضة مصر