إسرائيل عملت على تشويه بطولات القائد الفذ من خلال الإعلام العميل للصهاينة
صلاح الدين بدأ معاركة بتطهير مصر من الخونة قبل أن يحرر بيت المقدس
منذ أيام هاجم ما يطلق عليه " مذيع " يدعى يوسف الحسينى من قناة سوايرس " اون . تى . فى " هجوما على البطل صلاح الدين الايوبى وقال - لا فض فوه- انه دمر مصر
ورغم الافتراض فى ان المذيع يجب ان يتحلى بالحس الوطنى وعلى الاقل يجب أن كون قارئا للتاريخ ، ومطلعا على الثقافة العامة ، فقد اثبت هجوم المذيع المذكور أن اطلاعه لايصل الى قراءة كتابة المطالعة الرشيدة ، وان كل مؤهلاته العمل فى اذاعة للاغانى " اف . ام " ولذا لم يفرق بين البطل صلاح الدين وبين الاغانى الهابطة والرقص ، وربما كان كل أعجابه بالبطولات التاريخية الاعجاب " بالست " التى سبق أن أعتدت على نقيب للصحفيين بالضرب و يعتبر ما قامت به قمة البطولة
مثل صلاح الدين الأيوبى يمثل حالة خاصة بالنسبة لإسرائيل ولذا فإنها تعمل علي تشويه بطولته ، ولعل اعلام " ساويرس " المؤيد للصهاينة أثبت انه خير من يقوم بهذا العمل ، وهى مناسبة لما نراه ايضا من أن أي تشويه يحدث لأثار صلاح الدين يصب لصالح العدو الصهيونى ، فحين تسرق الأوطان لا تسأل عن سرقات الآثار!
القائد البطل صلاح الدين - الذى يسبه مغوار قناة ساويرس - لم يكن مجرد محققاً لنصر باستعادة بيت المقدس– وما أعظمه– ولكن لأنه ذو منهجية تجعل من يقتدي به حتماً سوف يحقق النصر.
تاريخيا تمكن الصليبيون من الاستيلاء علي العديد من الدول الإسلامية لعوامل عديدة منها التقاعس أو الخيانة إلي أن استولوا علي بيت المقدس في نهاية الأمر، وأعقب نصرهم مذبحة بشعة راح ضحيتها المدافعون عن المدينة ومن أفراد الحامية المصرية الذين سلموا بشرط ضمان حياتهم، فضلاً عن سكانها غير المحاربين ولكن مما لا شك فيه أن المسلمين لم يكونوا ليدعوا الصليبيين يهنأون بالمدينة المقدسة والتي هي بمثابة درة التاج وواسطة العقد لأصحاب الديانات الثلاثة كما أنهم لن يتركوا الاحتلال الصليبي فوق الأراضي العربية .. فكان ضغط الرأي العام الإسلامي ..
وفي ظل هذا العبث الفكري الذي روجه الصليبيون ظهر عماد الدين زنكي ليقود حركة المقاومة العربية ضد الصليبيين علي محور الموصل – حلب، ونجح في استرداد الرها لينهي الضغط الصليبي علي مناطق أعلي الفرات ولكن خروج محور القاهرة – دمشق عن سيطرته كان عاملاً سلبياً في حسابات القوة مع ضعف الدولة في مصر وأخذ الصليبيون في الاتجاه للاستيلاء عليها وفشلت عدد من الحملات.. وقد صار أسد الدين شيركوه وزيراً لمصر وبعد موته سنة 1169 خلفه أبن أخيه صلاح الدين يوسف ( الأيوبي ) ثم اختفت الدولة الفاطمية من الوجود سنة 1171م ..
منهجية صلاح الدين بدأت من الإسكندرية فواجه الفرنسيين وحصَن مصر خمس سنوات ونور الدين يحثه علي إنقاذ القدس وهو متمركز في مصر حتي وحدَها علي أمر جامع وخلصها من بعض الخونة " والأوباش " وأصلحها إقتصادياً بتخفيف الضرائب، وثقافياً بإعادة رسالة الأزهر ..
ملأ سيناء حصوناً وقلاعاً حتي باتت لديه القوة وأمَن مصر كقاعدة ارتكازية ..ثم ذهب إلي الأردن والشام ولم يسمح "لأفرنجى" أن يسكن بها، وحصرهم في الساحل فلا مجال للتطبيع ..
وبدأ صلاح الدين عملياته ضد الصليبيين، وحقق الانتصارات المتتالية والتي توجها في معركة حطين في الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة 583هـ- 4 يوليو سنة 1187م.. وكم كنت أتمني أن يكون مثل هذا اليوم من كل عام عيداً قومياً فقد كانت هذه المعركة أول تجسيد للجبهة العربية المتحدة.
فمعركة حطين هي إحدي المعارك التي خاضها البطل صلاح الدين وكادت تودي بالأمة الإسلامية إذا خسرها .. فقد جمعت أوربا أكثر من 600 ألفاً وكل فارس كان يحمل أكثر من 40 كجم حديد .. والفرس كان مدرعاً حتي الأرجل كانت ملبسة بالجلود فركز صلاح الدين علي الأرجل ومنعهم من المياه ثم ألجأهم إلي سرداب وحاصرهم في صافوريا ولم يبدأ المعركة إلا بعد صلاة الجمعة لماذا؟! حتي يدعو له الخطباء وليلهب الشعور الديني في جنوده .. كان يضع ألغاما حديدية مشعبة حتي تطأها أقدام الأعداء وخيولهم فتتعثر وكانت رمية السهام بثلاث نشابات في وقت واحد .. كانت حرب من أجل القدس.
وأخذت المدن والحصون تفتح تباعاً أمام جيوش صلاح الدين الي أن عادت بيت المقدس مدينة إسلامية في أكتوبر 1187م بعد غياب ثمانية وثمانين عاماً.. كان جيش صلاح الدين يحارب علي ورديات كل 8 ساعات أي علي مدار اليوم، وشكل في مصر مركز حربي بحري، وعندما أتجه الأعداء ناحية البحر الأحمر وجه بعض قواته ليحرر الموقع..
ورغم آلام وأمراض الرجل لم ينم البطل وعاش علي حصانه مجاهداً أكثر من 33 سنة.. ففي ذاكرته مشاهدته لعجوزاً في الإسكندرية يطؤ رقبتها إفرنجياً فرنسياً وهو لا يقبل الدنية وقد أثبت ذلك بحق حتي حقق الانتصار.
أما عن الموقف اليهودي من الحروب الصليبية فهو كما يوضحه د. قاسم عبده قاسم– أستاذ التاريخ بالجامعات المصرية– فهو يتخذ ثلاثة مسارات أساسية.
أولاً : محاولة تصوير الاضطهادات التي أوقعها الصليبيون باليهود في أوربا الغربية علي أنها حلقة ضمن سلسلة الظاهرة التي أطلقوا عليها معاداة السامية، وهي ظاهرة اختلقوها وروجوا لها ليبتزوا بها ضمير العالم.
ثانياً : محاولة سرقة التاريخ العربي الفلسطيني والمنطقة العربية من خلال اختلاق دور تاريخي لليهود في التصدي للصليبيين بشكل يوحي أن اليهود أصحاب الأرض وأنهم تعرضوا للعدوان ودافعوا عن البلاد!
ثالثاً : دراسة الكيان الصليبي مع التركيز علي المشكلات الأساسية التي أدت إلي فشله ككيان دخيل ودراسة إمكانيات النجاح للكيان الصهيوني المشابه.
هناك روافد أخري فهناك من يهتم بالبحث في مسألة الأمن والعلاقة بالدول المجاورة، وهناك من يهتم بموضوع بحث ترويج الأكاذيب التاريخية مثل الزعم بعدم قدرة المصريين علي القتال، والنيل من أبطال التاريخ العربي الإسلامي في فترة الحروب الصليبية بالتقليل من شأن عبقريتهم العسكرية والتاريخية مثلما تحدث البعض عن صلاح الدين الأيوبي.
إنه الحقد علي البطل الذي فتح بيت المقدس وحرر القدس الشريف .. ولذا حاولوا التقليل من شأنه علي المستوي الشخصي كقائد عسكري فذ وسعوا لتدمير أثاره فزعموا أن قلعة صلاح الدين بمنطقة طابا أصلها قلعة يهودية وكذلك قلعة الجندي الذي بناها صلاح الدين بمنطقة رأس سدر بجنوب سيناء وغيرها وغيرها من أثار صلاح الدين بالقلعة ..
ونحمد الله أن هناك من المثقفين والعلماء الوطنيين الذين تصدوا لهذا الزيف .. كما تصدوا للمشروعات التجارية التي تدمر قلعة صلاح الدين بالقاهرة ومنها مشروع فاروق حسني وزير الثقافة بإقامة فندق داخل منطقة باب العزب بالقلعة والذي أدانه القضاء واوقف تنفيذ، ومشروع أبراج نصير المواجهة للقلعة والذي هو محل قضية أيضاً وقد حدد "اليونسكو" شروطاً للارتفاع وتفكيك الكتلة البنائية وأسف للسماح بترك البناء من البداية حتي صار أمراً واقعاً .. وكلها مشروعات تدمر آثار صلاح الدين البطل الذي حرر القدس..
ترى هل يفيق مذيع قناة ساويرس وأمثاله للحظات لقراءة مثل هذه المعلومات أم ان طاعة مخطط القناة أفقفدهم البصيرة عن سيرة الابطال اكتفاءا بسيرة الفول ورموزهم الهابطة ؟