السيسي والمالكي .. رصاصتان في قلب الثورة .. بقلم د.احمد نصار

انشر هذا الموضوع :

(عن تأثير الانقلاب في مصر على الثورة العراقية)
لا أحد يدري سبب هذه الزيارات المتتالية المفاجئة لمصر. ملك السعودية قرر أن يقف "ترانزيت" في مصر أثناء عودته من المغرب، فتوقف في مطار القاهرة وطلب من السيسي ومن معه أن يصعدوا إليه على عجل ليحدثهم قليلا، ليدخلوا معا موسوعة جينيس كأقصر مباحثات ثنائية في التاريخ 38" دقيقة فقط". ونزل السيسي بعدها، ليكمل ملك السعودية طريق عودته إلى الرياض.
كما أعلن عن زيارة مفاجئة لوزير الخارجية الأميركيي جون كيري إلى مصر اليوم الأحد، وهي زيارة يبدو أنها لم يكن مقررا لها، ولايبدو أنها لتهنئة السيسي فقط!
***
لا شيء جديد في المنطقة إلا تقدم ثوار العراق نحو العاصمة وانهيار جيش المالكي في عدة مدن، وأحكام الإعدام الجماعية بحق المئات من جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها العام في مصر. ولعل هذين المتغيرين هما سبب هذه الزيارات.
تحدثنا في مقال سابق عن تأثير ما يجري في العراق على الثورة المصرية. وقلنا أن الولايات المتحدة أدركت مما يجري في العراق الآن أن تثبيت عملائها في المنطقة العربية بقوة السلاح فقط لم يعد مجديا. وأنه لابد من النظر إلى حقوق ومطالب جميع الأطراف - خاصة إذا شكلت هذه الأطراف الأغلبية السكانية والانتخابية معا - وأن ممارسة القمع والإقصاء والتهميش بحق هؤلاء غير مأمون العواقب في المستقبل القريب.
فعندما فقد السنة في العراق الأمل في التغيير بشكل سلمي وعبر العملية السياسية التي فقدت قيمتها ومصداقيتها، لجأوا إلى حمل السلاح لنيل حقوقهم. وكانت النتيجة غير طيبة على الإطلاق لأميركا وحليفها. انهار جيش المالكي في ساعات وأضحى المسلحون على مشارف بغداد.
كان تأثير ذلك على موقف الولايات المتحدة من الانقلاب في مصر سريعا، فقرر الكونجرس سريعا قطع 400 مليون دولار (حوالي 28%) من المعونة العسكرية الأميركية التي توجه بالأساس للمؤسسة العسكرية وليس للشعب المصري، في محاولة لإمساك العصا من المنتصف، وأنها لا تدعم هذا النظام الديكتاتوري القمعي على طول الخط.
***
لقد أوضحنا أن أحد سيناريوهات الحرب في العراق، هو عمل عسكري أميركي إيراني مشترك على أرض العراق لسحق التحركات السنية. لكن إيران ترغب في أن يكون ذلك ضمن تسوية شاملة لكافة ملفاتها العالقة (النووي - سوريا - العقوبات) وهو شيء من غير الوارد الاتفاق عليه قريبا، ولا ترغب فيه الولايات المتحدة حاليا.
لماذا تلجأ الولايات المتحدة لخصم إقليمي يسعى للتمدد "إيران" بينما يمكنها الاعتماد على عميل إقليمي قانع خانع "السيسي" لا يكلفهم أي ثمن سياسي كالذي ترغب فيه إيران؟؟
في تقرير للإذاعة الألمانية نشر في 17 يناير 2014 بعنوان "هل تحل الأسلحة المصرية مشكلات العراق" كشف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أنه قد اشترى رشاشات رباعية وأسلحة مقاومة طائرات من مخازن السلاح في مصر، بعد تردد الإدارة الأمريكية في بيع أسلحة للعراق.
ما الذي يمنع ألا يكرر السيسي فعلته ويمد نوري المالكي بالسلاح مجددا لمواجهة الثورة السنية المسلحة ضد الحكومة الشيعية المدعومة من إيران؟؟ إن نجاح الثوار في سوريا أو العراق أو ليبيا سيؤثر سلبا بلا شك على الانقلاب في مصر، ويتمنى السيسي من كل قلبه انتصار الطغاة في سوريا (بشار) والعراق (المالكي) وليبيا (حفتر). مع الأخذ في الاعتبار غرام حفتر بالسيسي ودعم السيسي له، وشراء بشار أسلحة مصرية لقتل أبناء شعبه.
يأتي هذا في الوقت الذي يقوم السيسي فيه بغلق خمس قنوات سنية تبث على القمر الصناعي نايلسات وهي "الرافدين" و"البغدادية" و"الفلوجة" و"التغيير" و"الحدث"، بدعوى أنها تنشر أخبار انتصارات الثوار العراقيين شمال شرق البلاد المناوئين لحكومة المالكي، وورود طلب رسمي عراقي بمنع بثها عبر القمر المصري، وقبول مصر له، فيما لا تزال قرابة 25 -30 قناة عراقية أخرى مؤيدة للمالكي تبث عبر القمر المصري بصورة عادية.
***
الغريب أن السيسي الذي يقف عقبة أمام الحلم المصري ويجعل مصر خاضعة تابعة ذليلة للخليج الملكي الاستبدادي الشيخوخي؛ والمالكي الذي يقتل الحلم العراقي ويسلم العراق لإيران الدموية الصفوية الشيعية؛ متشابهان إلى حد كبير، ومن عدة أوجه:
1- فكلاهما وافد جديد على الحياة السياسية في بلده.
2- كلاهما أتى على ظهر دبابة وبعدها انتخابات صورية (أميركية في حالة المالكي، وانقلاب عسكري في حالة مصر)
3- كلاهما مدعوم من دولة إقليمية (إيران في حالة المالكي، والسعودية في حالة السيسي)
4- كلاهما فض اعتصاما سلميا لمعارضيه وقع فيه الكثير من الشهداء والمصابين.
5- كلاهما شهد انفضاض القوى السياسية جميعها من حوله مكتفيا فقط بمجموعات من أصحاب المصالح، مما أدى إلى جفاف العملية السياسية وفقانها قيمتها ومصداقيتها.
***
الآن يبرز سؤال يفرض نفسه؛ ما الذي يضمن ألا تتكرر التجربة في مصر؟ إذا فقد الشباب الأمل في التغيير بشكل سلمي وإذا استمر اضطهاد جماعة الإخوان المسلمين بهذه الطريقة التي تشبه محاكم التفتيش، ما الذي يضمن ألا تتمدد جماعات كالقاعدة وأنصار بيت المقدس وداعش...إلخ
الغريب أنه بأحكام الإعدامات الجماعية المتوالية يسير السيسي على درب نوري المالكي ويثبت لجميع الأطراف أنه جزء أصيل من المشكلة ولا يمكن أبدا أن يكون جزء من الحل. وأن بداية الحل في مصر هو رحيل السيسي بالضبط كما أن بداية الحل في العراق هو رحيل المالكي. وهذا ما بدأ يتردد في دوائر الحكم في واشنطن.
انشر هذا الموضوع :

انضم لمدونة نهضة مصر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
نهضة مصر